مقترح روسي لإنشاء نظام مدفوعات بديل يواجه تحديات
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سعى في قمة بريكس الأخيرة بمدينة قازان، لطرح مقترح نظام مدفوعات دولي بديل عن "سويفت" بهدف تقليص هيمنة الدولار. لكن المقترح لم يلقَ تجاوباً كبيراً من الدول المشاركة، خاصة الصين والهند وإيران، التي أبدت تفاعلاً محدوداً تجاهه، مما شكل عقبة أمام تقدم المبادرة.
بوتين، الذي استعرض المقترح أمام قادة بريكس، أعرب عن تحديه للعقوبات الغربية والنظام المالي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة. وأكد أن القوى الغربية تستخدم الدولار "كسلاح" وأن العقوبات المفروضة على روسيا منذ أزمة أوكرانيا "أضعفت الثقة بالدولار وقللت من قوته الاقتصادية."
رغم أن هذه المبادرة كانت على رأس أجندة قمة بريكس، إذ تأمل روسيا بإطلاق "جسر بريكس" كوسيلة لتجاوز الدولار في المعاملات الدولية، إلا أن الدول الأعضاء الكبرى كالصين والهند تبدي تردداً. ويبدو أن العقوبات المالية، التي فرضت على روسيا منذ غزوها لأوكرانيا في 2022، دفعت موسكو لإيجاد بدائل عن نظام "سويفت" الذي يربط المؤسسات المالية عالمياً.
ليس بوتين وحده من يسعى إلى كسر سيطرة الدولار؛ فبعض دول بريكس، مثل الصين وإيران، مستاءة من الهيمنة المالية الغربية وتبحث عن حلول مشابهة. وتعبر دول عدة غير غربية، مثل السعودية والهند، عن قلقها من إمكانية استبعادها يوماً من نظام سويفت، وتبدي انفتاحاً على نظام بديل لو تم الاتفاق عليه مستقبلاً، رغم تعقيد التفاصيل.
التحدي الأكبر أمام تنفيذ نظام بديل ليس تقنياً بقدر ما هو سياسي واقتصادي. فالصين مثلاً، رغم امتعاضها من النفوذ الأمريكي، تعتمد بدرجة كبيرة على التجارة الدولية التي تُدار بالدولار، ويشمل ذلك شراكاتها الضخمة مع الولايات المتحدة وأوروبا. كما أن الهند، على الرغم من ميلها لتوسيع تحالفاتها بعيداً عن واشنطن، تتردد في دعم مبادرات كهذه خوفاً من تأثيرها على استقرار اقتصادها. وبالتالي، قد ترى هذه الدول أن الانتقال إلى نظام جديد كلياً قد يكون خطوة محفوفة بالمخاطر الاقتصادية والسياسية.
في قمة بريكس السابقة بجنوب إفريقيا، طُرح أيضاً مقترح عملة موحدة لمجموعة بريكس، وتم عرض نموذج أولي لهذه العملة على التلفزيون الروسي مؤخراً، لكن لم تتضح بعد آلية استخدامها أو اعتمادها.
رؤية الرئيس الروسي لإنشاء نظام مدفوعات دولي بديل لـ"سويفت" تأتي في إطار محاولة روسيا كسر قبضة الدولار على النظام المالي العالمي، لا سيما بعد العقوبات التي ضيّقت عليها منذ بدء الأزمة الأوكرانية. روسيا لم تكن وحدها في هذا التوجه، فعدد من دول بريكس يُبدي قلقاً متزايداً من هيمنة الولايات المتحدة على آليات التحويلات المالية، والتي تتخذ من الدولار أداة للضغط الدولي. ورغم أن الفكرة تحمل قدراً من الجاذبية لدول مجموعة بريكس التي تبحث عن الاستقلال المالي، فإن ضعف التفاعل، خصوصاً من الصين والهند، يبرز تباينات عميقة في الرؤى والمصالح داخل المجموعة.
0 تعليقات