مناظرة هاريس وترمب: صدام شخصي أكثر من مواجهة سياسية بناءة

مناظرة بلا حلول: هاريس وترمب يتبادلان الانتقادات دون خطط واضحة

مناظرة هاريس وترمب

المناظرة التلفزيونية التي جمعت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترمب لم تكن مجرد مواجهة سياسية تقليدية، بل مسرحاً لتبادل الاتهامات والنقد الحاد، حيث ظهرت عيوب الخطاب السياسي الأميركي بوضوح.

ترمب، الذي هاجم هاريس بسبب ما أسماه عدم امتلاكها لبرنامج اقتصادي مستقل، لم يقدم بدوره خطة اقتصادية متماسكة، بل اكتفى باتهامها بنسخ برنامج الرئيس جو بايدن. هذا الهجوم لم يكن سوى جزء من استراتيجيته المستمرة لتشويه الخصوم بدلاً من تقديم رؤى حقيقية أو حلول. ومن اللافت أن ترمب استمر في وصف هاريس بـ"الماركسية"، وهي اتهامات قد تكون أكثر إثارة للخوف لدى قاعدة ناخبيه لكنها تفتقر إلى أسس قوية.

هاريس من جهتها لم تتردد في انتقاد سجل ترمب الرئاسي، معتبرة أن إدارته خلفت وراءها "فوضى" اقتصادية وصحية، مما يعكس الفجوة الكبيرة بين السياسات المتناقضة للطرفين. ولكن استخدام هاريس للأزمات مثل جائحة كورونا والبطالة لتوجيه اللوم لترمب، قد يثير تساؤلات حول مدى فعالية الردود الإدارية بعد تلك الأزمات.

الصراع حول الإجهاض كان نقطة أخرى حساسة في المناظرة، حيث هاجمت هاريس سياسات ترمب ووصفته بـ"نشر الأكاذيب" حول الموضوع. لكن رد ترمب على تلك الاتهامات جاء متوقعاً وغير مفاجئ، مما يعكس استمرار الاستقطاب العميق حول هذا الملف في الساحة السياسية الأميركية.

أما في قضايا السياسة الخارجية، فإن هاريس استغلت الفرصة لتصوير ترمب كـ"لعبة" بيد القادة المستبدين مثل فلاديمير بوتين، مما يعزز الصورة السلبية التي حاول خصومه رسمها عنه منذ سنوات. إلا أن اتهام ترمب بأن إسرائيل ستزول إذا تولت هاريس الرئاسة لم يكن سوى تصريح مبالغ فيه يهدف إلى إثارة الذعر، ويفتقر إلى أي سياق جاد أو عقلاني.

في النهاية، هذه المناظرة لم تقدم الكثير للجمهور من حيث البرامج أو الرؤى المستقبلية، بل كانت بمثابة مسرح للاتهامات المتبادلة والادعاءات المثيرة، ما يعكس حالة من الإفلاس السياسي الذي يميز المناظرات الرئاسية في الولايات المتحدة اليوم. 

إرسال تعليق

0 تعليقات